مقالات

مرسي الغائب الحاضر

بسم الله الرحمان الرحيم؛
قال تعالى :*وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَن لَّا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ (21) وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَٰنُ بِضُرٍّ لَّا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنقِذُونِ (23) إِنِّي إِذًا لَّفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (24) إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25) قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (27)*
عندما نتامل في هته الآية العظيمة يتبادر الى الاذهان لماذا اختصر الله حديثه، و انتقل مباشرة من * إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ* الى *قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ*، و لم يفصل و يستطرد في الكلام لما حدث لهذا الداعية ، و الحكمة تتجلى في ان السائرين على درب الجهاد و الدعوة، تعرضهم لجميع انواع الابتلاء ـ سجنا، قتلا و نفيا ـ، فهي لعمري سنة جارية على السالكين في هذا الطريق، و المستنطق لسيرة الانبياء و الصالحين يلمس ذلك، و يعلمه.
هذا منهج الثابتين، الذين يضحون بارواحهم من اجل الحق فترتفع قيمتهم بقيمة الحق الذي يمثلون، و يشاء ربك ان يخلد ذكرهم في سجل الخالدين من عباد الله المتقين.
هكذا يحاول اساطين الانقلاب, و اولياء نعمتهم من مردة الباطل في عالمنا عبثا، ان يحبكوا مسرحية انتخابات جديدة، و يجهدوا انفسهم في تغطية سوءاتهم من جرائم بشعة، و من بيع للاراضي، و ارتماء في احضان الصهاينة، و تبني مشاريع تطعن القضية الفلسطينية من الخلف…
و المحزن المبكي ما نراه اليوم، من انخراط لقنوات الشرعية وا اسفاه، بالحديث عن هذه المهزلة و محاولة التطبيع معها، باستفاضة بعض المنقلبين، الداعمين و المباركين له، بذلك تفقد مبررات وجودها المتمثل اصلا في الدفاع عن شرعية اختيار الشعب، و الذي لا يجوز باي حال القفز علي إرادته.
نعم انه الحاضر الغائب، كما اعلنها مؤخرا وراء القضبان صارخا و مذكرا كل العالم، انه لا زال و سيبقى رمز الشرعية، و محور القضية.
ان الامة التي عانت ردحا من الزمن تحن لليوم الذي تتمكن فيه من تحرير ارادتها في اختيار حكامها، و لن يغادرها حلم إتمام تحقيقه عاجلا او آجلا، فالزمن و المحن تغربل الصفوف، و التاريخ يدون في صفحاته الثابتين، و الله قبل كل هذا يقود عباده الصالحين لدرب النصر و التمكين بوافر حكمته، و يملي للظالمين، و يستدرجهم، حتى اذا ظنوا انهم انتصروا اخذهم الله من حيث لم يحتسبوا و اقرا قوله تعالى:* إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ لَن يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (177) وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ ۚ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا ۚ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ (178) مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ۗ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۚ وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ (179)*

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق